الرئيسية | دروس في المعارف الإلهية | دروس في المعارف الالهية ، من الدرس (401 ـ 600 ) المقصد الاول / المقدمة | مَعَارِف إِلْهِيَّة : (577) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

مَعَارِف إِلْهِيَّة : (577) ، مَسَائِلٌ وفَوَائِدٌ وقَوَاعِدٌ في مَعَارِفِ الإمَامِيَّة/ الْمُقَدَّمَةُ / فَوَائِدٌ

19/08/2025


الدَّرْسُ (577) / بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الطَّاهِرِين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعْدَائِهِمْ أَجَمْعَيْن ، وَصَل بِنَا البَحْثُ ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) في الدَّرْسِ (201 ) الى مُقَدَّمَةِ (المَسَائِل والفَوَائِد والقَوَاعِد الْعَقَائِدِيَّة والمَعْرِفِيَّة ، الْمُسْتَفَادة من عَقَائِدِ و مَعَارِفِ الإمَامِيَّة ؛عَقَائِد و مَعَارِف مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ) ، وقَبْلَ الدُّخُول في صَمِيمِ الْبَحْث لابُدَّ من تَقْديم تَنْبِيهَات وفَوَائِد وقَوَاعِد عِلْمِيَّة ومَعْرِفِيَّة ؛ تسهيلا لهضم تلك المَسَائِل والمطالب ، وتَقَدَّمَ : أَوَّلاً (74) تَنْبِيهاً ، من الدَّرْسِ(202 ـ 313) ، وسنذكر (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ثانياً من الدَّرْسِ(314)(700) فَائِدَةً تقريباً ، ووصلنا ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى الفَائِدَة (198) ، ولازال البحث فيها ، وكانت تحت عنوان : « غائيَّة الخالق (عَزَّ وَجَلَّ) تختلف عن غائيَّة المخلوق » ؛ فإِنَّ غائيَّته تعالىٰ : أَنَّ الكُلَّ يستعينُ به (جلَّ وتقدَّس) ، ويتوجَّه إِليه وإِنْ كان ملحداً أَو كافراً أَو عابدِ وثنٍ ؛ شعر بذلك أَم لا ، فإِنَّ من فرَّ منه (تقدَّست أَسماؤه) كرَّ إِليه ، فلا ملجأ منه إِلَّا إِليه ، فمَنْ أَلحد أَو أَشرك أَو كفر به أَو عصاه فقد هرب منه ومن أَسماء الجمال والرَّحمة الإِلٰهيَّة والتجئ إِليه وإِلى أَسماء الجلال والقهر والعذاب الإِلٰهيَّة ، فالمطيع يتوجَّه إِليه (عظمت آلاؤه) ويستعين به من خلال الاسم الإِلٰهي : (الرحمٰن ، والرحيم ، والغفَّار ، والوهاب ، والرزَّاق ، والباسط ، والرافع ، والمُعزّ ، والشكور ، والحفيظ ...) ، بخلاف المُلحد والمُشرك والكافر والعاصي ، فإِنَّهم يتوجَّهون إِليه (جلَّ اسمه) ويستعينون به أَيْضاً لكن من خلال الاسم الإِلهي : (القهَّار ، والقابض ، والمُذِل ، والمقيت ، والمنتقم ، والمانع ، والضَّار ...) ، فكلٌّ يعبُد اللَّـه ـ المُسَمَّىٰ ـ صاحب الذات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ـ وليس الاسم ـ ويستعين ويلوذ به ، ويتضعضع ويخشع وينقاد ويفتقر إِليه ، ويستمدُّ منه ، لكن ليس الجميع : عبادة واستعانة ولوذ وتضعضع وخشوع وانقياد وافتقار واستمداد طائع وطاعة ، وإِنَّما بعضها : استعانة ولوذ وتضعضع وخشوع وانقياد وافتقار واستمداد معصية وعاصي . وبالجملة : أَنَّه ليس لمخلوق البَتَّة ـ وإِنْ كان غيّاً غاوياً ـ انقطاع تام عن اللَّـه ـ المُسَمَّىٰ ـ (عزَّ اسمه) ، بل لا بُدَّ له من الاتِّجاه والتوجُّه إِليه (عزَّ وجهه) والإِستعانة به ، لكنَّ اتِّجاه وتوجُّه العاصي ليس اِتِّجاه وتوجُّه واستعانة لدار الجنان وبأسماء الجمال وإِنَّما اِتِّجَاه واِسْتِعَانَة إِلى قذف نفسه بين أَغلال ودركات وأَطباق عذاب نار الجحيم ، وبأَسماء الجلال ـ كـ : اسم المنتقم والجبَّار ـ . وقد تقدَّم : أَنَّ جملة أَسماء وصفات وشؤون الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ـ إِلَّا الأُلوهيَّة ؛ لخروجها موضوعاً وتخصُّصاً ـ قد اِنعكست وتجلَّت في حقيقة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وحقائق سائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ، منها : هذه الصِّفة والشأن الإِلٰهيّ ؛ أَي : أَنَّ جملة المخلوقات غير المتناهية وفي كافَّة العوالم غير المتناهية أَيضاً من بداية عَالَم الخلقة إِلى ما لا نهاية مُتَّجهة ومُتوجَّهة إِلى طبقات حقائق أَمِير الْمُؤْمِنِينَ وسائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ـ شعرت بذلك المخلوقات أَم لا ـ ومستعينة بهم (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)؛ ومُستمدَّة منهم وجودها وحولها وقوَّتها وقدرتها وغناها واستدامتها ـ شعرت بذلك المخلوقات أَم لا ـ . ووصل بنا الكلام ( بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى) الى المطلب التالي : نعم، لكُلِّ مخلوقٍ وجهته واتِّجاهه الخاصّ به لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ؛ فإِنْ كان مطيعاً فيتوجَّه إِليهم (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) بأَسماء وصفات وشؤون الجمال والكمال الإِلٰهيَّة المُتَّصفين بها ؛ كاسم : (الرحمٰن ، والرَّحيم ، والغفَّار ، والوهَّاب ، والرَّافع ، والمُعزّ ...)، وإِنْ كان عاصياً أَو ضالاً ومنحرفاً فيتوجَّه إِليهم (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) بأَسماء وصفات وشوؤن الجلال والغضب والإِنتقام الإِلٰهيّ المُتَّصفين صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بها ، كاسم : (المنتقم ، والقهَّار ، والمُذل، والمقيت، والضَّار ...)، فمَنْ فرَّ منهم عاد إِليهم . وإِلى كُلِّ هذا تُشير بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... ويطيعنا كُلّ شيءٍ حتّىٰ السَّماوات والأَرض ، والشَّمس والقمر والنجوم ، والجبال والشَّجر والدواب والبحار ، والجنَّة والنَّار ... ومع كلّ هذا نأكل ونشرب ونمشي في الأَسواق ... »(1). ثانياً : بيان الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن أَبي حمزة ، قال : « قال له رجل : كيف سُمِّيت الجمعة؟ قال : إِنَّ اللّٰـه عَزَّ وَجَلَّ جمع فيها خلقه لولاية مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ووصيِّه في الميثاق ، فسمَّاه يوم الجمعة ؛ لجمعه فيه خلقه »(2). ثالثاً : بيان إِمضاء الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن وهب بن منبّه ، قال : « إِنَّ موسىٰ عَلَيْهِ السَّلاَمُ نظر ليلة الخطاب إلى كلِّ شجرةٍ في الطُّور، وكلّ حجرٍ ونباتٍ ينطق بذكر مُحمَّد واثني عشر وصيّاً له من بعده ، فقال موسىٰ : إِلٰهيّ ، لا أَرىٰ شيئاً خلقته إِلَّا وهو ناطق بذكر مُحمَّد وأوصيائه الاثني عشر ، فما منزلة هؤلاء عندك ؟ قال : يابن عمران ، إِنِّي خلقتهم قبل أَنْ أخلق الأَنوار ، خلقتهم في خزانة قدسي ، ترتع في رياض مشيِّتي ، وتتنسَّم من روح جبروتي ، وتشاهد أَقطار ملكوتي حتَّىٰ إِذا شئتُ بمشيَّتي أَنفذتُ قضائي وقدري ، يابن عمران، إِنِّي سبَّقت بهم السَّبَّاق حتَّىٰ أُزحزح بهم جناني ، يابن عمران ، تمسَّك بذكرهم ؛ فإِنَّهم خزنة علمي ، وعيبة حكمتي ، ومعدن نوري . قال حسين بن علوان : فذكرتُ ذلك لجعفر بن محمَّد عَلَيْهِ السَّلاَمُ فقال : حَقٌّ ذلك ... »(3). رابعاً : بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : « ... وتتمَّة البحث تأتي (إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) ، وصلَّىٰ الله على مُحَمَّد وآله الأَطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 26: 7/ح1. (2) بحار الأَنوار، 55: 370. الكافي، 3: 415. (3) بحار الأَنوار، 26: 308 ـ 309/ح73. المحتضر: 151