/ الفَائِدَةُ : (155) /

05/12/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / استمرار الهبة الإِلهيَّة لا يكون إِلاَّ بالتَّوسُّل واتِّباع أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ/ إِنَّ ما ورد في بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ مخاطباً يهوديّاً : «... يا يهودي ، إِنَّ موسىٰ لو أَدركني ثُمَّ لم يُؤمن بي وبنبوَّتي ما نفعه إِيمانه شيئاً ، ولا نفعته النُّبُوَّة ، يايهودي ، ومن ذرِّيَّتي المهدي إِذا خرج نزل عيسىٰ بن مريم لنصرته ، وقدَّمه وصلَّىٰ خلفه»(1). ثانياً : بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : «... فلو كان موسىٰ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بين أَظهركم لما حلَّ له إِلَّا أَنْ يتَّبعني»(2). ثالثاً : بيان الإِمام الرِّضا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : «... أَنا ... كافر بنبوَّة كُلّ عيسىٰ لم يقرَّ بنبوَّة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وبكتابه ، ولم يُبشِّر به أُمَّته ...»(3). براهينٌ وحيانيَّةٌ دالَّةٌ ـ بمعونة بيانات الوحي الْأُخْرَى ـ على : أَنَّه بعدما كانت طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ، وتتبعها طبقات حقائق ذواتهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم المتوسطة والنَّازلة : نظام عَالَم الوجود والإِمكان على الإِطلاق ، وعِلَل الوجود الفاعليَّة ، ووسائط الفيض الإِلٰهيّ الحصريَّة ، ووجه اللّٰـه ، والوسيلة الإِلٰهيَّة الفاردة ، والسَّبيل والسَّبب والباب والحجاب والرباط الإِلٰهيّ التَّكوينيّ الأَدنىٰ والوحيد ؛ بين الباري ـ المُسَمَّىٰ ـ (جلَّ شأنه) وكافَّة العوالم وسائر المخلوقات ؛ من بداية الْخِلْقَة إِلى ما لانهاية ، فلا يتحقَّق استمرار الفيض الإِلٰهيّ والعطايا والكرامات الإِلٰهيَّة إِلَّا بالتَّوسُّل والتَّشَفُّع ؛ وتشبُّث والتصاق المخلوق بكُلِّ ما أُوتي من قوَّةٍ بهذه الطَّبقات الشَّريفة ؛ لاسيما رأس هرمها طبقات حقيقة سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، سيما إِذا كان المخلوق من كُمَّل المخلوقات ، كسائر أَنبياء أُولي العزم عَلَيْهِم السَّلاَمُ ؛ فلخطورة عطيَّة نبوَّة أُولي العزم مثلاً اِقتضت الضرورة بذل جهده الجهيد في استمرار فيضها ، ولا يتحقَّق ذلك إِلَّا باتِّباع سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بجميع طبقات وجوده الشَّريف ، منها : طبقاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ النَّازلة ووجوده المُقدَّس في هذه النَّشْأة الأَرضيَّة واتِّباع نبوَّته ورسالته في هذه النَّشْأَة ، وإِلَّا فلا نفع بما تقدَّم ولا كرامة ، وصار حاله كحال إِبليس ، بل أَضَلّ سبيلاً. وإِلى هذا يُشِير بيان الحديث القدسي : « ... يا مُحَمَّد ... سبقت رحمتي غضبي لَكَ ولذريَّتكَ ، أَنْتَ مُقرَّبي من خلقي ، وَأَنتَ أَميني وحبيبي ورسولي ، وعزَّتي وجلالي : لو لقيني جميع خلقي يشكُّون فيكَ طرفة عين ، أَو يبغضون صفوتي من ذرِّيَّتك لأَدخلتهم ناري ولا أُبالي ... »(4). وهذه قضيَّةٌ عقليَّةٌ بديهيَّةٌ قبل أَنْ تكون شرعيَّةً. مضافاً : أَنَّه قُرِّرَ في محلِّه : أَنَّ المخلوق كما يحتاج بالضَّرورة إِلى عِلَّته الفاعليَّة(5) إِبتداءً وإِظهاراً لواقعيَّته ؛ وواقعيَّة الهبة والعطيَّة كالنُّبوَّة والرسالة الإِلٰهيَّة يحتاج إِليها(6) بالضَّرورة أَيضاً في إِستمرار فيض وجوده ؛ ووجود الهبة والعطيَّة واستدامتها ، وإِلَّا فعدم محض. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار ، 16 : 366/ح72. جامع الأَخبار : 8 ـ 9. الأَمالي : 131 ـ 132. (2) بحار الأَنوار ، 26 :315 ـ 316/ح78. تفضيل الأَئمَّة (مخطوط). (3) عيون أَخبار الرِّضا عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، 1 : 123/ح1. (4) بحار الأَنوار ، 37 : 321/ح52. كشف اليقين : 89 ـ 91. (5) الْعِلَّة الفاعليَّة الإِلٰهيَّة الصَّاعدة ـ كما تقدَّم ـ هي : طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ، رأس هرمها : طبقات حقيقة سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الصَّاعدة. (6) مرجع الضمير : (الْعِلَّة الفاعليَّة) ، وهي طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة