/ الفَائِدَةُ : (151) /

04/12/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / المَثَـل الأعلى/ إِنَّ ما ورد في بيان قوله تعالى : [لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ](1) قاعدةٌ مهيمنةٌ في جميع قصص القرآن الكريم ، ومعناها : أَنَّ كافَّة القصص ضربها الباري (تَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ) لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، فهم المَثَل الأعلى للباري (عظمت آلاؤه) ، وَمِنْ ثَمَّ يُقال : إِنَّ سر تسمية خليفة الله بذلك : أَنَّه تجلِّي أَعظم لأَسماء الله وصفاته ؛ فحقيقة المعصوم تَجَلِّي لمُطْلَقِ الحَقِيقَةِ ؛ الذَّات الْإِلَهِيَّة الْأَزَلِيَّة الْمُقَدَّسَة « فهم صفوة الله »(2)، وآية وعلامة مرآة صافية تحكي سَاحَة الْقُدْسِ الْإِلَهِيَّةِ ، ومن ثَمَّ ورد عنهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم : « هو نحن ، ونحن هو ، وهو هو ، ونحن نحن »(3)(4)، هذه معادلات أَربع . وهذا معنى ما ورد عن الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « أَشَدُّ النَّاس بَلَاءً الأَنبياءُ ثُمَّ الأَوصياءُ ثُمَّ الأَمَاثلُ فالأَماثلُ »(5) ؛ لأَنهم يُمحَّصون ويُصفَّون عن لون الذَّاتيَّة إلى لون العبوديَّة ، فيصيرون مرآة صافية له سبحانه ، ومن ثَمَّ كان الذوبان في المعصوم تلقائيّاً يجذب إلى الله وإِن كان بطريقٍ غير شرعيٍّ ، كهيام زليخة في النبي يوسف عَلَيْهِ السَّلاَمُ ، فإِنَّ ذلك الحب أَوصلها في نهاية المطاف إلى حب الله. ومنه يتَّضح : فلسفة إِستمرار دوام مظلوميَّة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : إِنَّ ذواتهم منكسرة لله ، ولا ينتقمون لأَنفسهم ؛ لأَنَّهم أَخلصوا له سبحانه ، فإِنَّ أَحد معاني المظلوم : أَنَّه لا تُرى فيه رائحة وشائبة الأَنانيَّة . وهذا ما يُشِير إِلَيْه بيان فخر المخدرات العقيلة زينب عَلَيْها السَّلاَمُ في رَدِّهَا على ابن زياد (لَعَنَهُ اللَّهُ) : كيف رأيتِ صُنُع الله بأخيكِ وأهل بيتكِ ؟ فقالت : « ما رأيتُ إِلَّا جميلاً » (6). وهذا بخلاف الظالم ؛ فإِنَّ رائحة الأنانيَّة تفوح منه. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) يوسف : 111. (2) مفاتيح الجنان ، الزيارات الجامعة الزيارة الأُولى : « السلام على أولياء الله وأصفيائه... » : 577. (3) هذا الاتحاد في الآية والحكاية ، لا في الوجود التشخصي. (4) مصباح الهدايَّة : 114 . (5) الكافي ، 2/كتاب الإيمان والكفر: 293 ـ باب شِدَّة ابتلاء المؤمن : 168/ ح4. (6) الملهوف على قتلى الطّفوف ، السيد بن طاووس : 201