/ الفَائِدَةُ : (150) /

04/12/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / حقيقة القرآن الكريم الصَّاعدة من عَالَم الأَمر / / حقيقة القرآن الصَّاعدة خارجة عن عَالَم الزَّمان والمكان/ إِنَّ نزول جملة القرآن الكريم ليلة القدر على قلب سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ في طبقة السَّمآء الرابعة والْمُعَبَّرُ عنها بـ : (البيت المعمور) ، والمشار إِليها في بيانات الوحي ، منها : بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « نزل القرآن في ليلة القدر إِلى البيت المعمور جملة ، ثُمَّ نزل من البيت المعمور على رسول اللَّـه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ في طول عشرين سنة ... »(1) ليس نزول أَصوات ولا معاني ـ باعتراف المُحقِّقين من الفريقين ـ وإِنَّما هو نزول من سنخ عَالَم الأَمر، وهو عَالَمٌ نوريٌ . ومنه يتَّضح : أَنَّ حقيقة الوحي خارجة عن عَالَم الزمان والمكان والأَجسام والمقادير ، بل هو أَعظم شيء في خِلْقَة اللَّـه ، فإِنَّ الْعِلْمَ بعدما كان أَعظم الكمالات ، والوحي أَعظم عِلْمٌ ، كان الوحي أَعظم الكمالات ؛ فهو أَعظم من السَّماوات ، ومن الجنَّة الأَبديَّة ، ومن الكرسي ، ومن العرش ، ومن عَالَم الملكوت. وعليه : فَمَنْ يبغي فهم حقيقة سَيِّد الْأَنْبِيَاء وحقائق سائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وشخصيَّاتهم فعليه أَنْ يفهم أَوَّلاً : الكون ، والكائنات ؛ وعوالم الْخِلْقَة والوجود والإِمكان ، والْخِلْقَة كيف هي ومن أَين بدأت وإِلى أَين تذهب(2). وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ( 1) بحار الأَنوار ، 82 : 52. (2) يوجد في تعابير بيانات الروايات دلائل وإِشارات دالَّة على أَنَّ عوالم السَّماوات تعني : حياة مستقبليَّة لبني البشر. مثاله : (يوم القيامة) ؛ فإِنَّه عَالَمٌّ من عوالم السَّماوات ـ سوآء كان في السَّمآء السَّابعة أَو السَّادسة أَو غيرهما ـ وحياة مستقبليَّة سيمرّ بها بني البشر شاؤوا أَم أَبوا ، مقدارها : خمسون أَلف سنة ، كما صرَّحت بذلك بيانات الوحي. ويظهر من كثير من بيانات الروايات : أَنَّ للعوالم المُستقبليَّة الَّتي سيمرّ بها الإِنسان كـ : (عَالَم البرزخ) و(عَالَم الرَّجعة) إِرتباطات على مرِّ عصور وأَزمان نشأتنا الأَرضيَّة هذه ، وارتباطات أُخرىٰ بعوالم السَّماوات ؛ فإِنَّ السَّماوات تعني : عوالم أَلطف من هذه النشأة الأَرضيَّة (عَالَم الدُّنيا الأُولىٰ) ، ومن نشأة عَالَم البرزخ ، ومن نشأة عَالَم الرَّجعة (آخرة الدُّنيا) ، ومن المعلوم : أَنَّ الأَلطف داخل في جملة شراشر وجزئيَّات العوالم الأَغلظ لكن لا بالممازجة والمزاولة ، وخارج عنها لكن لا بالمفارقة والمزايلة ، ويحيط بها ويهيمن عليها . وهذا ما صرَّحت به بيانات الوحي المستفيضة ، بل المتواترة ، بل فهمه علماء الفيزياء الجدد ، المُتضلِّعين بـ : (علوم الروح) ، وقالوا : أَنَّنا نفهم من سمآء أَولىٰ ، وثانية ، وثالثة وهلمَّ جرّاً : عوالم أُخر ؛ أَلطف فألطف ، وطاقات أَبهر فأَبهر ، وأَشدُّ فأَشدّ