/ الفَائِدَةُ : (133) /
30/11/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / معرفة اللَّه مُتوقِّفة على معرفة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ/ إِنَّ ما ورد في بيانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... معرفتي بالنورانيَّة معرفة اللّٰـه (عزَّوجلَّ) ، ومعرفة اللّٰـه (عزَّوجلَّ) معرفتي بالنَّورانيَّة ، وهو الدِّين الخالص الَّذي قال اللّٰـه تعالىٰ : [ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ](1)... »(2). ثانياً : بيان الإِمام العسكري صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عن أَبي هاشم الجعفريّ ، قال : « كُنتُ عند أَبي محمَّد عَلَيْهِ السَّلاَمُ فسأله محمَّد بن صالح الأَرمني عن قول اللّٰـه : [ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا ] (3) قال أَبو محمَّد عَلَيْهِ السَّلاَمُ : ثبتت المعرفة ونسوا ذلك الموقف ، وسيذكرونه ، ولولا ذلك لم يدرِ أَحَدٌ مَنْ خالقه ، ولا مَنْ رازقه . قال أَبو هاشم : فجعلتُ أَتَعَجَّب في نفسي من عظيم ما أَعطىٰ اللّٰـه وليَّه ، وجزيل ما حمَّله ، فَأَقبل أَبُو محمَّد عَلَيَّ فقال : الأَمر أَعجب مِمَّا عجبتَ منه يا أَبا هاشم وأَعظم ! ما ظنُّكَ بقومٍ مَنْ عرفهم عرف اللّٰـه ، وَمَنْ أَنكرهم أَنكر اللّٰـه ؟ فلا مؤمن إِلَّا وهو بهم مُصَدِّق ، وبمعرفتهم موقن »(4). براهينٌ وحيانيَّةٌ دالَّةٌ على أَنَّ طبقات حقائق أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ؛ وتتبعها طبقات حقائقهم (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم) المتوسطة والنَّازلة ؛ لَـمَّا كانت خالصة من شائبة الأَنا ، وقد فنيت ماهيَّاتها وحقائقها وذواتها في الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة فناء حكاية ، كما أَشارت إِلى ذلك بيانات الوحي ، منها : بيانهم صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِم : «... هو نحن ، ونحن هو»(5). فلا تُري ولا تحكي نفسها ، بل محكيِّها ، كالمرآة شديدة الصَّقل والصَّفاء والاِنْعِكَاس اِنْعَكَسَتْ فيها جملة شؤون وصفات وأَسمآء الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقدَّسة ، وحينئذٍ تكون ـ بعد الإِتحاد في الحكاية ـ معرفة المخلوق لطبقات حقائق ذوات أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة معرفة للّٰـه (تبارك وتعالىٰ) ، ومعرفته (جلَّ جلاله) معرفة لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بلحاظ طبقات حقائق ذواتهم الصَّاعدة فضلاً عن النَّازلة والمتوسطة. وقس على نقيضه حال من أَنكرهم صلوات اللّٰـه عليهم ، وقصَّرَ في معرفتهم ؛ فإِنَّه إِنكار للّٰـه (جلَّ شأنه) ، وتقصير في معرفته (جلَّ قدسه). فتدبَّر جيِّداً. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) البينة : 5. (2) بحار الأَنوار ، 26 : 1 ـ 2/ح1. (3) الأعراف : 172. (4) بحار الأَنوار ، 5 : 260/ح76. كشف الغمة : 306. (5) مصباح الهداية : 114