/ الفَائِدَةُ : (126) /
28/11/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / المعصوم من أَهْل الْبَيْتِ وهو في عَالَم الأَرحام يُحيط بشؤون عَالَم الدُّنيا/ الثَّابت في بيانات أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : أَنَّ المعصوم عَلَيْهِ السَّلاَمُ يسمع الصَّوت وهو جنين في بطن أُمّه بعد انعقاد نطفته بأَربعين يوماً ، ويُزوِّده اللّٰـه (جلَّ قدسه) عِلْماً وحِسّاً يرىٰ من خلاله كُلّ قطرةٍ تنزل من السَّمآء ـ سوآء كانت قطرة اِغاثة ، أَو قطرة اِبادة ، أَو قطرة مطر ـ أَي : يرىٰ عَلَيْهِ السَّلاَمُ جملة المعلومات الاِحصائيَّة حول كوكب الأَرض. وعليه : فلا معنىٰ لطرح التَّساؤل التَّالي : هل المعصوم عَلَيْهِ السَّلاَمُ يعلم ويعرف الموضوعات ويُحيط بها ؟ والجواب : أَنَّ هناك اِصراراً في مَدْرَسَة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ على أَنَّ لدىٰ المعصوم عَلَيْهِ السَّلاَمُ منظومة اِحصائيَّات بعَالَم الدُّنيا الأُولىٰ ، بل بجميع عوالم الخلقة ومخلوقاتها غير المتناهية من بداية الخلقة إِلى ما لا نهاية. فلاحظ : بیانات الوحي ، منها : أَوَّلاً : بيان خُطْبَة أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... أَنا مُحصي الخلائق وإِن كثروا ... »(1). ثانياً : بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : « ... وَأَنَا الشَّاهد يوم الدِّين ... وأَنا الَّذي أَحصيتُ كُلِّ شيءٍ عدداً بعلم اللّٰـه الَّذي أَودعنيه ، و بسرِّه الَّذي أَسَرَّه إِلى مُحمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ وأَسَرَّه النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِلَيَّ ... »(2). ودلالته ـ كدلالة سابقه ـ واضحة . ثالثاً : بيان الدُّعاء : « اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ باسمكَ الَّذي به تقوم السَّمآء ... وبه أَحصيتَ عدد الرمال ، وزنة الجبال ، وكَيْلَ البحار ... »(3). وبيانه : « اللَّهُمَّ ... وَأَسئَلُكَ باسمكَ الأَعظم الَّذي به تقوم السَّمآء والأَرض ... وبه أَحصيتَ عدد الآجال ، ووزن الجبال وكَيْلَ البحار ... »(4). وبيانه : « ... اللَّهُمَّ إِنِّي أَسئلكَ بأَسمائك الَّتي بها ... أَحصيتَ عدد الرِّمال ، وورق الأَشجار ، وكَيْلَ البحار ، وقطر الأَمطار ، وما أَظلم عليه اللَّيل وأَشرق عليه النَّهار ... »(5). وبیانه : « اللَّهُمَّ ... أَسأَلُك باسمكَ الَّذي به ... أَحصيتَ عدد الثَّرىٰ والرَّمل ، وورق الأَشجار ، وقطر البحور ... »(6). وبيانه : « ... اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلُك باسمكَ الَّذي تقوم به السَّماوات ... وبه أَحصيتَ كَيْلَ البحور ، وزنة الجبال ... »(7). وتقريبُ الدلالةِ مُتوقِّفٌ على بيان مُقدِّمتين : الأُوْلَىٰ : أَنَّ الله (تَعَالَى ذِكْرُهُ) أَحصىٰ بأَسمائه ـ كاسم : (العليم) ، و(اللطيف) ، و(الخبير) ، و(الرَّقيب) ، و(الشَّهيد) ، و(الُمحصي) ، و(القيُّوم) ـ جميع مخلوقاته وشؤونها وَأَحوالها وَأَفعالها وكافَّة ما يتعلَّق بها في جملة العوالم غير المتناهية. الثَّانية : أَنَّ أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بطبقات حقائقهم وَأَنوارهم الصَّاعدة هم الأَسمآء الإِلٰهيَّة ـ فعليَّة كانت أَم ذاتيَّة ـ . فانظر : بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... إِنِّي لأَعرف بطرق السَّمآوات من طرق الأَرض ، نحن الاسم المخزون المكنون ، نحن الأَسمآء الُحسنىٰ الَّتي إِذا سُئِلَ اللّٰـه (عَزَّ وَجَلَّ) بها أَجاب ... »(8). 2ـ بيانه صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيضاً : « ... أَنا الأَسمآء الحُسْنَىٰ الَّتي أَمَرَ أَنْ يُدعىٰ بها ... »(9). 3ـ بیان الإِمام الباقر صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « ... نحن الأَسمآء الحُسْنَىٰ الَّتي لا يقبل اللّٰـه من العباد عملاً إِلَّا بمعرفتنا ... »(10). 4ـ بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « نحن واللّٰـه الأَسمآء الحسنىٰ الَّذي لا يقبل من أَحدٍ إِلَّا بمعرفتنا ، قال : [فَادْعُوهُ بِهَا] (11) »(12). 5ـ بيان الإِمام الرِّضا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « إِذا نَزَلَت بكم شِدَّة فاستعينوا بنا على اللَّـه ، وهو قول اللّٰـه : [وَلِلَّـهِ الْأَسْمَاءُ الْـحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا] (13) »(14). ودلالة الجميع واضحة. والنتيجة : أَنَّ أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بأَنوارهم وطبقات حقائقهم الصَّاعدة ـ في عَالَم السرمد ؛ عَالَم الأَسمآء والصِّفات الإِلٰهيَّة ؛ والمُعبَّر عنه في بيانات الوحي بعنوان : (عنده) ـ يُحصون كُلّ شاردة وواردة عن المخلوقات وشؤونها وَأَحوالها وَأَفعالها وسائر ما يتعلَّق بها ؛ في كافَّة العوالم غير المتناهية ؛ من بداية عَالَم الخلقة والوجود والإِمكان إِلى مالانهاية . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مشارق أَنوار اليقين: ٢٧٠. (2) بحار الأَنوار، 53: 46 ـ 49/ح20. (3) المصدر نفسه ، 52: 6ـ 7/ح5. (4) المصدر نفسه ، 83: 75/ح10. (5) المصدر نفسه ، 88: 83. (6) المصدر نفسه ، 92: 154 ـ 155/ح2. (7) المصدر نفسه ، 94: 291. (8) المصدر نفسه ، 27: 33ـ 40/ح5. المحتضر: 71 ـ 76. (9) مشارق أَنوار اليقين: 269. (10) بحار الأَنوار، 25: 5/ح7. المحتضر: 129. (11) الأَعراف : 180 . (12) بحار الأَنوار، 91: 6. تفسير العياشي، 2: 42. (13) الأَعراف : 180 . (14) بحار الأَنوار، 91: 5/ح7. تفسير العياشي، 2: 42