/ الفَائِدَةُ : (88) /

13/11/2025



بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / فصل حقائق سائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بَحْر وَحي لا نهاية له أَيضاً/ إِنَّه بعد ما كانت حقائق سائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ الصَّاعدة ـ وكما هو الثابت في بيانات الوحي المستفيضة ، بل المتواترة ـ مُترشِّحة ومُشتقَّة ومُتَجَلِّية من حقيقة سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الصَّاعدة ؛ كانت فصول حقائقهم (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) وبمقتضىٰ قاعدة السنخيَّة : بحر وحي زخَّار لا نهاية له أَبد الآباد ودهر الدُّهور، في هذا العَالَم وفي العوالم والنَّشَآت السَّابقة واللَّاحقة. نعم ، وحي حقائق وذوات سائر أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ليس وحي نبوَّة ، بل وحي علم لَدُنّيٍّ . بخلاف وحي حقيقة سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ، فإِنَّه فضلاً عن كونه وحي نُبوَّة هو وحي علم لدُنِّيٍّ ؛ فهو نبيّ الأَنبياء وهو إِمام الأَئمَّة صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، فتكون ذاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ الشَّريفة قد جمعت بين وحي النُّبُوَّة بجميع مراتبه ، ووحي الإِمامة بكافَّة طبقاته أَيضاً. وإِلى هذا أَشارت بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان أَمِير الْمُؤْمِنِينَ الوارد في حقِّ الإِمام من أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : « ... الإِمام ... ظاهره أمر لا يُملك ، وباطنه غيب لا يُدْرَك ... جلَّ مقام آل مُحمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عن وصف الواصفين ، ونعت النَّاعتين ، وأَنْ يُقاس بهم أَحَد من العالمين ... الإِمام ... بشر ملكيّ ، وجسد سماويّ ، وأَمر إِلٰهيّ ، وروح قدسيّ ، ومقام عَلِيّ ، ونور جليّ ، وسرّ خفيّ ، فهو ملك الذَّات ، إِلٰهيّ الصِّفات ... هذا كلّه لآل مُحَمَّد لا يُشاركهم فيه مشارك ... علم الأَنبيّاء في علمهم ، وسرّ الأَوصياء في سرِّهم ، وعزّ الأَولياء في عزِّهم كالقطرة في البحر ، والذَّرّة في القفر ... ومَنْ أَنكر ذلك فهو شقيٌّ ملعون ، يلعنه الله ويلعنه اللاعنون ... فهم ... الأَسرار الإِلٰهيَّة المودعة في الهياكل البشريَّة ... »(1). 2ـ إِطلاق بيان الإِمام الصَّادق صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : « كُلُّ ما كان لمُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَلَنا مثله إِلَّا النُّبُوَّة والأَزواج »(2). 3ـ بيان الإِمام الهادي صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ المُتقَدِّم ، الوارد في تفسير بيان قوله تعالىٰ : « ... [وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ](3)فهو كذلك ، لو أَنَّ أشجار الدُّنيا أَقلام ، والبحر يمدّه سبعة أَبحر ، وانفجرت الأَرض عيوناً لنفدت قبل أَنْ تنفد كلمات الله ... ونحن كلمات الله الَّتي لا تنفد ولا تُدْرَك فضائلنا ... »(4). ودلالته ـ كدلالة سابقيه ـ واضحة ، ولا غبار عليها . / عصارة ما تقدَّم من القول المختار/ وعصارة ما تقدَّم : أَنَّ التَّعريف النَّاضج والسَّديد : أَنْ تُعرَّف حقائق الأَشياء وتُبيَّن بـ : عواقبها ونهاياتها ومئالاتها وغاياتها وكمالاتها الأَخيرة ، لا بمبادئها ومصاديقها ؛ فإِنَّه تعريف وبيان اِبْتِدَائيّ . وهذه القضيَّة شاملة لجملة العلوم ، كـ : علوم : (المعارف) وعلم : (التَّفسير)، و(الـمنطق)، و(الكيمياء)، و(الفيزياء)، و(الاجتماع)، و(السياسة)، و(القانون)، و(الاقتصاد)، ففي طُرِّ العلوم لا يمكن أن يُحَكْم على الشَّيء أَو الحقيقة إِلَّا بعاقبته ومآله ونهايات نتائجه. إِذَنْ : حقيقة المعاني والحقائق ولبّ لبابها تكمن في نهاياتها ومآلاتها وغاياتها. وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 25: 169 ـ 174/ح38. (2) المصدر نفسه، 26: 317/ح83. (3) لقمان: 27. (4) بحار الأَنوار، 10: 386 ـ 389/ح1