/ الفَائِدَةُ : (5) /
15/10/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / تفسير جديد لشرطيَّة الولاية/ هناك تفسير جديد ـ مُهِمٌّ وخطيرٌ ـ لمعنىٰ شرطيَّة الولاية في العيادات ـ غير ما ذكره عظماء علماء فقه وعلم كلام الإِماميَّة ؛ مِنْ أَنَّها شرط لصحَّة العمل وقبوله ـ حاصله : أَنَّ العبادة ـ كالصَّلاة والصوم والخمس والزكاة والحجّ والجهاد ، وكافَّة الصَّدَقَات وجملة الأَعمال الخيريَّة ـ لا تكون عبادة إِلَّا إِذا وُظِّفَتْ لرفع راية الولاية ، وإِلَّا ـ أَي : إِذا لم يُنسب البرنامج المدني ولم يُجنَّد ولم تُوَظَّف العبادة ولم تُلَوَّن بطريق وسبيل الولاية للّٰـه ولرسوله ولقربىٰ الرسول صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ـ فلن يُكْتَب سِلْمٌ لجملة البشريَّة ، وترتطم عَلَى مَرِّ السِّنِينَ الْأَيَّام بنَكَبَات ، وتزيد في أُتُون العصابات والقوميَّات والعشائريَّات والقبليَّات وَالأَنَانيَّات ، فصورة العبادة وقشرها وإِنْ كان مُتلألأً ، لكن باطنها ولبِّها وجوهرها نتن ورجاسة ونجاسة ، ويولِّد للبشريَّة زيادة في معاناتها في كافَّة الجوانب والمجالات . والنُّكْتَةُ واضحةٌ ؛ فإِنَّ الولاية هي الطَّريق الحصري والصِّراط المُستقيم للوصول إِلى السَّلام والسِّلْم والأَمن البشري على كافَّة الصُّعُد ، وَمِنْ ثَمَّ يجب على الشَّخص مهما بلغت مكانته الدينيَّة والإجتماعيَّة والعلميَّة والمعرفيَّة والفنيَّة أَنْ يُوَظِّف وَيُسيِّس نفسه وصنعته وعرقه وعصبيَّته وقوميَّته وكافَّة حركاته وسكناته في حِلِّهِ وَتِرْحَالِهِ وجملة تصرُّفاته وشؤونه وأَحواله ويُجنِّدها للّٰـه (جلَّ جلاله) ، ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ ولذي القربىٰ ونور الثقلين ولِعَالَم ولاية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وحينها يكون إِثماره عظيماً لنجاة وسلامة وَأَمن البشريَّة ، بل وجملة المخلوقات ، وهذا معنیٰ دقيق ورشيق وجديد لشرطيَّة الولاية في العبادات . ومنه يتضح : أَوَّلاً : سِرّ زيارة عاشوراء ؛ فإِنَّ كُلّ شيءٍ يجب أَنْ يُوظَّف للولاية ، وهذا سِرٌّ عظيمٌ ، ومحورٌ رَئِيسِيٌّ في مشروع أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . ثانياً : تحسُّس البعض من زيارة عاشوراء ؛ لأَنَّ فيها سفينة نجاة لجملة المخلوقات ، وفي كافَّة العوالم غير المتناهية . ثالثاً : معنىٰ بطلان العبادة من دون ولاية أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . رابعاً : معنىٰ : أَنَّ كُلَّ عبادة خالية من الولاية تُولِّد تمرُّداً شيطانيّاً ، ويكون مصيرها إِلى لظىٰ ، بل تكون تلك العبادة نقمة على البشريَّة . وإِلى كُلِّ ما تقدَّم أَشارت بيانات الوحي ، منها : 1ـ بيان سَيِّد الْأَنْبِيَاء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ المستفيض ، بل المتواتر عند الفريقين : « ... إِنَّما مثل أَهل بيتي فيكم كسفينة نوح ، مَنْ دخل فيها نجا ، وَمَنْ تَخَلَّفَ عنها غَرِق »(1). 2ـ بيانه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ في وصيَّته لأَبي ذر رضوان اللّٰـه عليه : « ... ثُمَّ حبّ أَهل بيتي الَّذين أَذهب الله عنهم الرِّجس وطهَّرَهُم تطهيراً . وأَعلم يا أَباذر ، أَنَّ الله (عَزَّ وَجَلَّ) جعل أَهل بيتي في أَمَّتي كسفينة نوح مَنْ ركبها نجا ، وَمَنْ رغب عنها غرق ... »(2). ودلالته ـ كدلالة سابقه ـ واضحة ، فإِنَّ معناه : أَنَّ النَّجاة والنجاح وما شاكلهما تكمن في تولِّي أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، وإِلَّا كانت الصَّلاة وسائر العبادات والمعاملات وجملة ما يقوم به المخلوق من أَعمال خير وصلاح وجميع معتقداته ومعارفه وعلومه مغرقة لنفسه وللبشريَّة في كافَّة الجوانب ؛ كالجانب : (الأَمني ، و العسكري ، و الاقتصادي ، و التجاري ، و الزراعي ، و الصناعي ، و التنموي ، و الأَخلاقي ، و التربوي ، و الحضاري ، و الأُسري ، و الإِجتماعي)، ولن تصل البشريَّة ، بل مطلق المخلوقات وفي كافَّة العوالم غير المتناهية إِلى طموحها وسعادتها الأَبديَّة . وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الأَطْهَارِ . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 44: 70 ـ 86/ح1. الاحتجاج: ١٣٧ـ١٤٣ . (2) بحار الأَنوار، 74: 74 ـ 91. الأَمالي، 2: 138